الحياة تجارب

كان قد مضى ثلاثة عشر عاما على تخرجي من جامعة الموصل بدرجة جيد جدا بشهادة بكالوريوس علوم زراعية.
كنت بجانب والدي رحمه الله امتهن
الزراعة قبل و بعد تخرجي .. نزرع فسائل النخيل في الأرض التي خصصها والدي لذلك، وبعد أن قمت بتخطيطها تخطيطا علميا مناسبا بالمقاسات والمسافات بين الفسائل مع حسابي لزاوية سقوط أشعة الشمس و طول فترة الإضاءة..
الأمر الذي جعلني أتوقف و أطيل النظر والتفكير حين قال والدي لقد غرست الفسيلة بالشكل الخاطئ!!!، ارتبكت و أعدت حساباتي بلحظة فلم أجد الخطأ الذي نبهني عليه،
ابتسم ثم قال لي :
صحيح أنت صاحبة اختصاص لكن (تحتاجين إلى كثير من التجارب) قالها بلهجة الأب لطفله، أدركت أن الآباء لن يروا أبنائهم يكبرون، غمرتني حينها مشاعر الطفولة، احتضنته وليتني إلى الآن بحضنه الآمن.
لهذا أقول أن التحصيل الدراسي لا يكفي لوحده لابد من التجربة والخبرة العملية لدعم مخزون العقل من معلومات سابقة وتطبيقها على أرض الواقع وهذا لا يأتي أيضا إلا بالعمل الجاد و الاجتهاد و المثابرة وفي جميع المجالات و التخصصات و على جميع الأصعدة…
و صدق القائل ( الحياة تجارب) من هنا أستطيع القول على من يود التغيير الفكري، العلمي، و العملي يجب عليه أن يكثف من تجاربه و إضافة بصمته الجديدة عليها فيكون الشخص هذه السنة غير ما هو عليه في السنة الماضية لتطور مهاراته في تعاملاته و من إنتاجاته الشخصية، لا يعوقه تكسير همم، يدفع مثابرته شغفه بما يحب؛ و بهذا يكون قد تسلق شوطا كبيرا من تراكم الخبرات… هكذا يصنع الإنسان الناجح ، و بمرور الوقت يعتلي قمة النجاح…